سورة التوبة - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم، ونعمان بن أوفى، وأبو أنس، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف، فقالوا: كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيراً ابن الله؟ وإنما قالوا: هو ابن الله من أجل أن عزيراً كان في أهل الكتاب، وكانت التوراة عندهم يعلمون بها ما شاء الله تعالى أن يعلموا، ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق، وكان التابوت فيهم فلما رأى الله تعالى أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء رفع الله عنهم التابوت، وأنساهم التوراة، ونسخها من صدورهم، وأرسل عليهم مرضاً فاستطلقت بطونهم منهم حتى جعل الرجل يمشي كبده حتى نسوا التوراة ونسخت من صدورهم، وفيهم عزير كان من علمائهم فدعا عزير الله عز وجل وابتهل إليه أن يرد إليه الذي نسخ من صدره، فبينما هو يصلي مبتهلاً إلى الله تعالى نزل نور من الله فدخل جوفه، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من التوراة، فأذن في قومه فقال: يا قوم قد آتاني الله التوراة ردها إليّ، فعلق يعلمهم فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا وهو يعلمهم، ثم إن التابوت نزل عليهم بعد ذلك وبعد ذهابه منهم، فلما رأوا التابوت عرضوا ما كانوا فيه على الذي كان عزير يعلمهم فوجدوه مثله، فقالوا: والله ما أوتي عزير هذا إلا أنه ابن الله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وقالت اليهود عزير ابن الله} قال: قالها رجل واحد اسمه فنحاص.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كن نساء بني إسرائيل يجتمعن بالليل فيصلين ويعتزلن ويذكرن ما فضل الله تعالى به على بني إسرائيل وما أعطاهم، ثم سلط عليهم شر خلقه بختنصر فحرق التوراة وخرب بيت المقدس، وعزير يومئذ غلام فقال عزير: أو كان هذا؟! فلحق الجبال والوحش فجعل يتعبد فيها، وجعل لا يخالط الناس، فإذا هو ذات يوم بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال: يا أمة الله اتقي الله واحتسبي واصبري، أما تعلمين أن سبيل الناس إلى الموت؟! فقالت: يا عزير اتنهاني أن أبكي وأنت خلفت بني إسرائيل ولحقت بالجبال والوحش؟ قالت: إني لست بامرأة ولكني الدنيا، وأنه سينبع في مصلاك عين وتنبت شجرة، فاشرب من العين وكل من ثمرة الشجرة، فإنه سيأتيك ملكان فاتركهما يصنعان ما أرادا. فلما كان من الغد نبعت العين ونبتت الشجرة فشرب من ماء العين وأكل من ثمرة الشجرة، وجاء ملكان ومعهما قارورة فيها نور فأوجراه ما فيها، فألهمه الله التوراة فجاء فأملاه على الناس، فقالوا عند ذلك: عزير بن الله، تعإلى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وأخرج أبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه قال: دعا عزير ربه عز وجل أن يلقي التوراة كما أنزل على موسى عليه السلام في قلبه، فأنزلها الله تعالى عليه، فبعد ذلك قالوا: عزير ابن الله.
وأخرج أبو الشيخ عن حميد الخراط رضي الله عنه. أن عزيراً كان يكتبها بعشرة أقلام في كل أصبع قلم.
وأخرج أبو الشيخ عن الزهري رضي الله عنه قال: كان عزير يقرأ التوراة ظاهراً، وكان قد أعطي من القوة ما ان كان ينظر في شرف السحاب، فعند ذلك قالت اليهود: عزير ابن الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: إنما قالت اليهود عزير ابن الله لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم وأخذوا التوراة، وهرب علماؤهم الذين بقوا فدفنوا كتب التوراة في الجبال، وكان عزير يتعبد في رؤوس الجبال لا ينزل إلا في يوم عيد، فجعل الغلام يبكي يقول: رب تركت بني إسرائيل بغير عالم؟ فلم يزل يبكيهم حتى سقط أشفار عينيه، فنزل مرة إلى العيد فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلت له عند قبر من تلك القبور تبكي، تقول: يا مطعماه يا كاسياه... ! فقال لها: ويحك من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك قبل هذا الرجل؟! قالت: الله. قال: فإن الله حي لم يمت. قالت: يا عزير فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل؟ قال: الله. قالت: فلم تبكي عليهم؟ فلما عرف أنه قد خصم ولى مدبراً. فدعته فقالت: يا عزير إذا أصبحت غداً فائت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه، ثم أخرج فصل ركعتين فإنه يأتيك شيخ فما أعطاك فخذه. فلما أصبح انطلق عزير إلى ذلك النهر فاغتسل فيه ثم خرج فصلى ركعتين، فأتاه شيخ فقال: افتح فمك. ففتح فمه فألقمه فيه شيئاً كهيئة الجمرة العظيمة مجتمع كهيئة القوارير ثلاث مرات، فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة فقال: يا بني إسرائيل إني قد جئتكم بالتوراة. فقالوا له: ما كنت كذاباً؟؟ فعمد فربط على كل أصبع له قلماً، ثم كتب بأصابعه كلها فكتب التوراة، فلما رجع العلماء أخبروا بشأن عزير، واستخرج أولئك العلماء كتبهم التي كانوا رفعوها من التوراة في الجبال، وكانت في خواب مدفونة فعرضوها بتوراة عزيز، فوجدوها مثلها فقالوا: ما أعطاك الله إلا وأنت ابنه.
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث أشك فيهن. فلا أدري أعزير كان نبياً أم لا، ولا أدري أَلعن تبعاً أم لا، قال: ونسيت الثالثة».
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد شجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ رافعاً يديه يقول: «إن الله عز وجل اشتد غضبه على اليهود أن قالوا عزير ابن الله، واشتد غضبه على النصارى إن قالوا المسيح ابن الله، وإن الله اشتد غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي».
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عزير: يا رب ما علامة من صافيته من خلقك؟ فأوحى الله إليه: أن أقنعه باليسير وأدَّخر له في الآخرة الكثير.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل} قال: قالوا مثل ما قال أهل الأديان.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل} يقول: ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم فقالت النصارى: المسيح ابن الله. كما قالت اليهود: عزير ابن الله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قاتلهم الله} قال: لعنهم الله، وكل شيء في القرآن قتل فهو لعن.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {قاتلهم الله} قال: كلمة من كلام العرب.


{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}
أخرج ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في سورة براءة {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} فقال: «أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه».
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن أبي البختري رضي الله عنه قال: سأل رجل حذيفة رضي الله عنه فقال: أرأيت قوله تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان عن حذيفة رضي الله عنه {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم} قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم أطاعوهم في معصية الله.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {اتخذوا أحبارهم} اليهود {ورهبانهم} النصارى {وما أمروا} في الكتاب الذي أتاهم وعهد إليهم {إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} سبح نفسه أن يقال عليه البهتان.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال: {أحبارهم} قراؤهم {ورهبانهم} علماؤهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: الأحبار من اليهود، والرهبان من النصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي. مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: الأحبار العلماء، والرهبان العباد.


{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)}
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} قال: الإِسلام بكلامهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {يريدون أن يطفئوا نور الله} يقول: يريدون أن يهلك محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن لا يعبدوا الله بالإِسلام في الأرض، يعني بها كفار العرب وأهل الكتاب من حارب منهم النبي صلى الله عليه وسلم وكفر بآياته.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} قال: هم اليهود والنصارى.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10